الطربوش

بينى وبينك سور وراء سور وأنا لا مارد ولا عصفور

Thursday, November 09, 2006


!طوارئك ياريس

رحلة يومية بشعة يعيشها المواطن المصرى تحت مظلة قانون الطوارئ ومزاج رجال الجهاز الأمنى فى مصر فطبقا لتعليمات المادة الثالثة من قانون الطوارئ يكون من حق رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه سلطة إعتقال الأشخاص الخطرين على الأمن والنظام العام وعلى إعتبار أن فكرة الخطورة على الأمن والنظام العام فكرة لا معالم ولا حدود ولا ملامح لها فى هذا القانون أو فى أى قانون غيره داخل مصر فإن عملية الإعتقال القانونية هذه ! تتم حسب مزاج البيه الضابط ورؤيته وتقديره لوجوه الاشخاص ومدى إرتياحه لهم فالخطورة التى تشير إليها المادة الثالثة من قانون الطوارئ وعلى أساسها يتم الإعتقال تعنى إرتكاب شخص لأفعال مادية فى العالم الخارجى بمعنى أن الأعمال التى لا تعتبر جرائم بمقتضى قانون العقوبات أوالقوانين المكملة له قد يراها رجال الجهاز الأمنى طبقا لتقديرهم أفعال تهدد الأمن العام وتستوجب إعتقال مرتكبها يعنى بإختصار لو حضرتك هرشت فى الشارع أو كنت ماشى مكشر أو سرحان وشكلك مش عاجب الضابط يحق له إعتقالك بتمهة تهديد الأمن العام وهذا حقه الذى تكفله له المادة (3) من قانون الطوارئ.
وبعيدا عن مدى شرعية قانون الطوارئ من عدمه لأن هذه مسألة يرى الرئيس مبارك ورجاله وحدهم أنها شرعية والأمر فى بلدنا كما تعلمون يسير وفقا لما يريده هولاء فإن ذلك القانون الإستثنائى جعل من يوم المواطن المصرى رحلة قاسية وغير أدمية تعالى نتتبعها من وقت شروق الشمس حتى شروق شمس اليوم التالى....


صباح اليوم.. يافتاح ياعليم

المواطن المصرى الذى يسمع أذان الفجر وينزل من بيته ليلبى نداء ربه قد لا يعود لبيته مرة أخرى فطبقا لقانون الطوارئ قد يتم توقيفه إذا إشتبه فيه أحد رجال الأمن وفى تلك الأيام وبعد تلك الحوادث الإرهابية توقع أن يحدث ذلك كثيرا أن يوقفك ضابط شرطة وأنت على باب الجامع ويسألك بكل سذاجة إنت رايح فين فى وقت زى ده ؟ أو قد يتمادى فى سذاجته ويسألك وإنت بالبيجامة فين البطاقة بتاعتك وشهادة التجنيد وطبعا سيادتك نازل من على السرير وجيوبك أنضف من الصينى بعد غسيله وبالتالى ستصلى الفجر إما فى البوكس أوفى أقرب قسم لبيت حضرتك وبالمناسبة هذا المشهد حدث بالتفصيل مع أحد الأصدقاء ،ونفس السيناريو قد يحدث لو شعر أى مواطن "بالخنقة " أو أصيب بالإختناق وضيق التنفس وقرر أن ينزل الشارع ليشم شوية هوا ويستطيع التنفس .
وخد عندك ياسيدى لو قرر هذا المواطن الغلبان أن ينزل صباحا إلى عمله يعنى مجموعة من العمال يركبوا عربية نص نقل ورايحين شغلهم فى ساعة مبكرة قد يوقفهم كمين ويبدأ فى تفتيش السيارة وتفتيش العمال ويكون سيادة الضابط مش نايم أو فى اخر ورديته ويطلع "قرفه" على العمال الغلابة وقد يسحب أحدهم إلى السجن بحجة أن بطاقته مازلت ورقية وغير معترف بها أو لا يحمل شهادة تجنيد أو إشتبه الضابط فيه ويرغب فى التحقق فى سجله الإجرامى وفى النهاية غالبا مايتسبب هذا الكمين فى تأخر العمال عن عملهم أو فقدانهم لأعمالهم . لا حظ كم الخسارة النفسية والماديةالتى قد يسببها مثل هذا الموقف خاصة مع تكراره وإسأل أى عامل فى المدن الجديدة يخبرك كم مرة فى الشهر يتعرض لهذا الموقف وإسال كم صاحب عمل او تجارة عن عدد المرات الى إضطر فيها إلى الذهاب إلى الأقسام لضمان عماله وخمن أنت كم الخسارة الإقتصادية فى هذا الموضوع.


بعد الضهر..


إيقافك فى المترو وتفتيشك وتعطيلك عن اللحاق بالعربة الأخيرة وتوقيف الميكروباص التى تركبه وأنت عائد من عملك وإنزالك منه لأن البيه الضابط يريد تفتيشك والأطلاع على هويتك وتفتيش حقيبتك، ومراجعة كارنيهك قبل الدخول للجامعة وتدوين إسمك فى كشف الدخول والخروج وسبب الزيارة وتفاصيل عائلتك وتفتيشك ذاتيا وأنت مسافر بين محافظة وأخرى كل هذا التعذيب وكل هذه المعاناة تتم تحت مظلة المادة ثلاثة من قانون الطوارئ .
فيلتك أو منزلك القديم الذى تفاجئ بأن عاليه أصبح سافله بقرار عسكرى يعطى قانون الطوارئ للسلطة حق إتخاذه " أكثر من 400 ألاف منزل تم هدمهم بالقرارات العسكرية" ، قد يقتحم عليك أحد منزلك بحجة تأمين موكب سيادة الرئيس أو سيادة السفير او الوزير أو بحجة الإشتباه فى احد سكان المنزل ولا تعترض لان القانون يعطيه الحق. حتى القضايا التى تخصك لا تأمنها فى ظل قانون الطوارئ فقد تفقد فى لحظة حقك فى الوقوف أمام قاضى عادل لأن قانون الطوارئ يعطيهم الحق فى إحالتك لمحكمة عسكرية ووقتها إبقى قابلنى !!





أنت وقانون الطوارئ و فترة الليل

فترة الليل حدث فيها ولا حرج فقد تخرج أنت وأصاحبك فى جماعة ويتم توقيفك وتفتيشك بتهمة التجمهر وقد يوجه إليك الضابط تهمة قلب نظام الحكم إذا حاول أحدكم أن يعترض على مايفعله بكم وياويلك ياسواد ليلك لو كنت مثلا من محافظة وسهران فى محافظة تانية أول ماسيادة الضابط يشوف بطاقتك ويعرف كده يبتسم وكأنه مسك دخيل أو جاسوس ويهددك بالترحيل إلى محافظتك وكأنك يعنى مواطن من الهنولولو محتاج لتأشيرة وجود فى تلك المحافظة "هذا حدث معى وتقريبا مع نص الناس اللى أعرفهم " !
لو أنت ماشى على الكورنيش مع خطيبتك قد يعترضك أحد السادة رجال الأمن وتلك هواية بالمناسبة ويبدأوا حملة تريقة وإستعراض أمام المرأة التى معك وكأنهم يستعرضون رجولتهم أمام تلك المرأة وبالمناسبة سيادة الضابط احيانا ممكن يشوف إتنين بيبوسوا بعض فى الشارع ويطنش بينما ممكن يمسك إتنين ماشيين فى امان الله لأن مزاجه كده .
حياة المواطن المصرى اليومية تحت مظلة قانون الطوارئ لا تتوقف عند ذلك الحد فمازال تليفونه تحت المراقبة "يتم تسجيل الكثير من المكالمات الساخنة التى تدور بين بعض الازواج على سبيل التسلية واستخدامها وقت اللزوم" وليس التليفون وحده بل حتى التليغراف أو الجواب أو البريد الإلكترونى لا يأمن المواطن المصرى الغلبان فى ان يقول فيه مايريد.

شلل وإضطراب !

تلك الرحلة اليومية للمواطن المصرى التى يسيطر عليها قانون الطوارئ ويمنح رجال الشرطة الحق المطلق فى التحكم فى تفاصيل حياته الدقيقة والخاصة لاتقف فقط عند سرقة حرية الإنسان أو إفقاده الإحساس بالأمان أو تهديد راحته أو لخبطة حياته أو تدمير عمله ومستقبله بل تتعدى كل ذلك وتصيبه بخلل نفسى يتغلغل ويتوغل وينتشر وينتقل مثل الوباء ليصيب ويضر الجميع ولا يستثنى أحد فكما يرى الدكتور محمد المهدى الإستشارى النفسى أن هذا القانون الإستثنائى أصاب الإنسان المصرى بحالة من اللوث العقلى وضرب العلاقة بين السلطة والشعب فى مقتل فالمصرى فى ظل ذلك قانون الطوارئ أصبح يملك مشاعر مضطربة فهو يخاف من السلطة ويرتعد منها ويحاول تجنبها والبعد عن شرها فهى بالنسبة له الأن قوة لا تقهر ومصدر شر لا ينتهى وكل هذا يدفعه لإتخاذ موقف عدائى سلبى فهو يسعى بشكل دائم لإفساد مايقوم به فيقوم بتعطيل أى شئ يفعله ولا يؤدى المطلوب منه بالشكل الذى يجب، فهو يقصر فى كل مايفعل وذلك يبدو واضحا فى سلوك الموظفين فالموظف المقهور من السلطة يوجه غضبه وعدوانه تجاه المواطنين وتجاه زوجته وتجاه اولاده وتستطيع ان تفسر كميه هذا الفشل الاسرى والعنف الاسرى إلى تلك العدوانية السلبية فالمواطن الغلبان لا يقوى على مواجهة الدولة ويتحول لمواجهة من يقدر عليه مما حول حياتنا إلى حياة مضطربة لأن الحياة السليمة تقول بضرورة التعاون بين السلطة والشعب ولكن فى مصر هناك حالة من الصراع الان بين السلطة والمواطنين نتيجة هذا الصراع كانت بأن اخذ المواطنين الجانب السلبى والعدوان الصامت وأخذت الحكومة جانب القاهر والشرير الظالم المتحكم فى كل شئ القادر على فعل كل شئ يريده والمحصلة النهائية لتلك الصراع كانت تلك الحياة المشوهة التى نعيشها على كل المستويات .هذا ما فعله قانون الطوارئ فى مجتمع كامل أفقده القدرة على المواجهة بل القدرة على النطق بل القدرة على الإنتاج من أصله والخسارة فى النهاية من نصيب الوطن وفقرائه .

وابقى قابلنى


ولأن الأمر الواقع واقع ولا مجال للأحلام فإن حضرتك فى تلك الدوامة غالبا رايح رايح وراء الشمس قد تكون فى سجن مغلق لا أحد يعرف له مكان أو سجن مفتوح يسمح بالزيارة ولكن السماح بالزيارة لك تخضع أيضا لمزاج السادة المسئولين عن زيارتك عموما لا تقلق ابدا فالسجن والإعتقال فى ظل قانون الطوارئ ليس نهاية المطاف فهناك بعض المحاولات يمكن أن نرشدك إليها أو إعتبرها طوق نجاة ولكن فى الغالب أنت غرقان غرقان ومش هتخرج إلا تبع مزاج الجهاز الأمنى ورغم ذلك إليك روشتة للتعامل مع إعتقالك ...
أولا يمكنك إستخدام بعض مواد الدستور وهى طريقة رومانتيكية اوى تستلزم منك الإعتصام والهتاف مثل هانى رمزى فى فيلم "عاوز حقى" مش انا اللى بقول الدستور المصرى هو اللى بيقول " يمكنك ان ترفع لافته وتعلق عليها مواد الدستو رالتى تنصفك وتثبت حقك فى الخروج من السجن وحقك فى عدم إعتراض طريقك من قبل الجهاز الأمنى المصرى يمكنك اللجوء للمادة 41 التى تكفل للإنسان المصرى الحرية الشخصية وأنه فيما عدا حالة التلبس لايجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر تستلزمه الضرورة ويكون صادر من قاضى مختص.
أو يمكنك اللجوء للمادة 42 من الدستور أيضا والتى تنص على أن "كل مواطن يقبض عليه أو يسجن أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان" . وهناك ايضا مواد أخرى يمكنك اللجوء إليها فى معركتك ضد قانون الطوارئ وهى المادة 66 والمادة 57 والمادة 67 أو المادة 71 التى تقول بأن كل من يقبض عليه له الحق فى معرفة أسباب القبض عليه ويكون له حق الإتصال والإستعانة بمن يرى ضرورة إبلاغه"

وإذا لم ينفعك الدستور المصرى وهو غالبا لن يجدى من الأمر شيئا فمن الممكن أن تلجا لمحاولة أخرى وهى إستخدام قانون العقوبات ففى قانون العقوبات جرمت المادة 280 من قانون العقوبات القبض علي الأشخاص أو حبسهم بدون أمر من الحكام المختصين ، أو تستخدم المادة 34 والتى تقول بعدم جواز القبض علي الأشخاص إلا في حالة التلبس بجناية أو جنحة يعاقب ....." أو إستخدام المادة 36 أو المادة 42.

وبرضه إبقى قابلنى

وإذا فشل قانون العقوبات فى أن ينقذك من قانون الطوارئ وغالبا سوف يفشل ولن ينقذك من الذهاب وراء الشمس ، يمكنك أن تتخذ خطوة أكثر جرأة وتسعى نحو تدويل قضيتك وتقوم ببعض الإتصالات مع المجتمع الدوليه والمنظمات الدولية وتخبرهم بأن القانون الذى تم إعتقالك على اساسه "اللى هو قانون الطوارئ يعنى" يخالف المادة (9) من القانون الدولى لحقوق الإنسان التى وقعت عليه مصر وصادقت عليه ايضا وبالتالى يحق للمجتمع الدولى ان يعاقب مصر دوليا ودبلوماسيا ولا تقلق لأنك وقتها سيتم إتهامك بالخيانة والعمالة وتشويه سمعة مصر على إعتباران أى حد فى البلد بيكلم جوز خالته اللى ساكن فى أمريكا بيبقى عميل وخائن.
إذا هذه محاولة فاشلة أيضا ومازلت سيادتك فى سجن لا يعلم عنك أحد أى شئ واللى بيحصل فيك بيحصل وربنا عالم بأوجاعك ..

بلد لا تعترف بالقانون

هناك محاولة أخيرة ولكن لا تعول عليها كثيرا لأنها محاولة قانونية فى بلد لا تعرف معنى للقانون فمثلا يمكن لأهل المعتقل "اللى هو حضرتك " أن يقوموا بتقديم بلاغ إلى النيابة العامة فى حالة القبض عليك وتلك محاولة غالبا فاشلة لأن الكثير من أهالى المعتقلين بلغوا أكثر من مرة وعدت سنوات دون أن يعرفوا شئ عن أبنائهم ، تعالوا نلعب غيرها من طريق تانى عن طريق المعتقل نفسه فمن الممكن أن يتقدم المعتقل نفسه بتظلم بعد مرور 30 يوم من تاريخ إعتقاله. ولا ينتهى الأمر عند ذلك فالعملية ليست سهلة هكذا لأنه من حق وزير الداخلية في حالة صدور قرار بالإفراج أن يطعن علي قرار الإفراج خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور القرار أو انقضاء الموعد السابق وعندما يطعن وزير الداخلية علي القرار يحال الطعن إلي دائرة أخري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه علي أن يفصل خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الإحالة ، أما إذا رفضت المحكمة التظلم فمن حق المعتقل أن يعود ليقدم تظلم أخر بعد مرور 30 يوم أخرين وهكذا 15 يوم فى 15 يوم فى 30 يوم لحد مايبان لحضرتك اصحاب وفى النهاية برضه لن تخرج إلا بمزاج الجهاز الأمنى عموما لاتتعب نفسك لأنه حتى فى حالة النظر فى تلك التظلمات فإن العادة جرت أن يتم ذلك دون الإستماع إلى أقوال المجتمع ودون مثوله امام المحكمة يعنى كله فى الكلتش يابيه! . النكتة فى تلك الحدوتة انه من حق سيادتك أن تطالب بالتعويض عن إعتقالك إداريا عن الفترة التى قضيتها فى السجن وعن التعذيب والإهانة التى تعرضت لها وما حدث لك من اثار ماديه ومعنوية وطلبك للتعويض هذا يتم إعتبارا للمادة 57 للدستور ولان الدستور بتاعنا غير معمول به اصلا كما قلنا فلن تحصل على قرش صاغ ومش بعيد ترجع السجن تانى اصلا عموم الجهة المختصة عن نظر قضايا التعويض هذه هى محاكم مجلس أمن الدولة والعملية فيها لعبكة ولخبطة وطرمخة وكما قال اجدادنا المحاكم احبالها طويلة.
عموما كمل سجنك على خير وحاول ان تتكيف مع المعتقل التى تسكن فيه لان مفيش حاجة هتنفعك فقانون الطوارئ مثله مثل البلطجى لا سلطان عليه من احد ولا رقابة عليه بإعتباره عمل من اعمال السيادة هذا بخلاف عدم وجود رقابة برلمانية لانمجلس الشعب فى مصر كما تعلمون لا بيهش ولا بينش !

0 Comments:

Post a Comment

<< Home