الطربوش

بينى وبينك سور وراء سور وأنا لا مارد ولا عصفور

Sunday, November 12, 2006

























أبوك مات ... أنا عارف

كانت نفس الاية القرآنية التى اعتدت سماعها فى تلك المواقف بنفس نبرة الصوت التى تطلقها الاحبال الصوتية وهى تترنح وتتمايل من كثرة الحزن ونفس نظرة العين الى تغالب
انكسارها بتصنع أحاسيس شجاعة مزيفة، وكانت نفس المياه المملحة تملأ العيون وتخنق صوت صاحبها وهو يحاول أن يكون حكيما وعطوفا وحانيا وهو ينقل لك الخبر الذى يطلقون عيه فى بعض المناطق الادبية "الخبرالصاعقة "، كنت أبدو هادئا لدرجة البرود كنت أقرا فى أعينهم تلك الجملة اللعينة " ياعينى يابنى .. أه لو تعرف اللى هيحصلك بعد شوية .. ياحبة عينى انت واختك .. كان بدرى عليكوا الهم ده " كنت أتمنى وقتها أن رفع يدى وأطبق بأصابعى المرتعشة على وجوههم وأغلق جفونهم الباردة الى الابد وأصرخ فى أذانهم .. والله عارف ... أنا عارف
ولكن الجبن تملكنى .. منعنى من أعلى بصوتى قائلا .." أه لو تعلمون بالنار الموقدة داخلى " هناك شئ ما يداعب كافة أمعائى ويهدهد حجابى الحاجز يسرع من انقباضه ويبطئ بمزاجه ،يتحكم فى أنفاسى الخارجة والداخلة وكأنه يملكنى يخطف الأنوار والألوان من عينى يزرع فى أذنى كلمات غريبة وينشر فى عقلى بذور أوهام أو لتقل خيالات مثل تلك التى نراها فى لحظات اليأس والخوف .. كنت أتمنى أن اصرخ فى وجوههم قائلا " اللعنة على أساليبكم اللعينة .. هيا هاتوا ماعندكم .. استجمعوا شجاعتكم انت كنتم تملكوها واخبرونى .. اللعنة على الجبن الكامن فى نفوسكم .. هيا اصرخوا فى وجهى "وطبطبوا" على كتفى وقولوا معلهش يابنى ارادة ربنا .. هيا ارحمونى وأكدوا ذلك الاحساس الشيطانى الذى ينمو بداخلى ويقتل كل خلية ويمثل بمكوناتها كل على حدة .. هيا خلصونى من ذلك العذاب ... كنت أكاد أن اقبل أحذيتهم .. هيا فأنا أعرف ،لا تخافوا فأنا أشعر بذلك منذ ليلة أمس منذ دخلت لغرفتى بالمدينة الجامعية ساكنا شاردا دون سبب محاولا على غير العادة أن انام باكرا .. إلا أننى لم أفعل فلقد اختطفنى ذلك الاحساس الشيطانى المرعب ودفعنى للخروج مسرعا نحو هاتف الشارع "على غير العادة فى ذلك الوقت "و أن اطلق العنان لأصبعى الاوسط بأن ينتقى تلك الارقام المكونة لرقم هاتفنا المنزلى ولأول مرة أنتظر الرنين وأسمعه وكأنه زيت مغلى يداعب قنوات الاذن التى لا أعرف اسمها .. وأخيرا أجابت .. صوت خالتى .. أعرفه كان عاديا .. فزال قلقى ونطقت كلمة ألو وكأن على لسانى حجر بثقل لم اعهده من قبل .. اللعنة على الخوف ! ولكنها لم تسمعنى ، الهاتف به عطل .. اللعنة عل هواتف الشارع ... وألف لعنة على الحكومة الفاسدة التى تسببت فى ذلك .
احتضنت سريرى الصغير محتميا به من هلاوس الموت حتى طلبونى ،أيقذونى من تلك اللحظة الكامنة بين النوم والحياة . قريب لى لم أعتاد سؤاله رأيته فأدركت أن الخيالات التى تسكن نفسى وروحى حقيقة .. اللعنة على قاطعوا صلة الرحم ، يظلوا بعاد عنك وما إن تراهم يتاكد لك ان هناك مصيبة ما .
ثلاث ساعات طول الطريق من القاهرة لدمياط .. يتكلمون يبتسمون .. يتذكرون .. "هيا فليتكلم أحدكم .. فلينطق الشجاع فيكم ويقول شد حيلك يامحمد أبوك مات .. هيا أنقذونى من تلك الدوامة التى تعبث بعقلى .. أنقذونى من إحساس اليقين والأمل فى تغيره " كنت أدرك وقتها أن والدى توفى ولكن جهزت كل جيوشى الدفاعية وأطلقت العنان لها لتغزو عقلى وتحارب تلك الفكرة وتصرخ فى إحساس الموت قائلة "أبوك ما متش ، أبوك بس تعبان شوية ، أكيد هتروح تلاقيه وتاخده فى حضنك ، وتقوله أسف انى مش قاعد جنبك " اللعنة على الكلية والغربة.. و على إحساسى الدائم بأن ابى قوة جبارة لايهزمها المرض .. اللعنة على خيالات الاطفال التى تصنع لأبوها تماثيل خالدة غير قابلة للموت.
لم يتكلم أحد منهم إلا عندما اقتربنا من بلدنا ..كالعادة أشادوا بشجاعتى "التى لم اعرف لها طعما من قبل" وأنى أنا الكبير "اللعنة على ان تكون انت الكبير ".. وأطلقوا العنان لألسنتهم لتتلو تلك الاية"وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإن اليه راجعون"
لم أتكلم .. وقلت لنفسى حاضر، بشرونى ، سأتماسك سأكون على قدر المسئولية ،ها أنذا الكبير المتماسك كما تريدون ولتذهب مشاعرى وليذهب قلبى الى الجحيم ، ولتذهب معه تلك الدموع الحبيسة الى الجحيم ايضا .. هاأنذا .. المياه المملحة تترجرج فى عينى ولا تخرج .. فقط لأنى لا أريد أن اصدق ما تقولون ، فسوف أنزل من السيارة لأجده جالسا على المقهى يرحب بى ويسألنى عن أخر ماقرأت ويعاتبنى على قصور نظرى ورؤيتى التى تحتاج لمزيد من اطلاق الخيال للعقل.
غير ان ذلك لما يحدث فالناس كلها كانت تصطف الطريق وهم لايفعلون ذلك إلا للعزيز الغالى ..وأبى واحدا من هؤلاء.
هيا أشيروا إلى حضن أحد لأرتمى بداخله فأنا جبان أخشى البكاء أمام الناس هيا.. أحتاج لأى زراع يطوقنى ويخفينى بداخل صدر صاحبه .. أريد أن ابكى أريد أن اختفى .. للأبد
هاهو خالى إرتميت فى أحضانه وصرخت" أنا جبان .. كان لازم أقعد جنبه وهو تعبان ..مكنش لازم أهرب .. أكيد كان محتاجنى .. أنا جبان" العالم كله يرددها خلفى لاثبات جبنى وضعفى
"أنا عاوز أشوف أمى وأختى".. ذهبت ألعن كل لحظة جبن فى حياتى وألقيت بنفسى فى حضن أمى تمنيت أن أبكى ولكن لايصح .. أنت الكبير خلى بالك إمسك نفسك.... أآآآه ..أختى الصغيرة دموعها أحالت عيناها إلى شئ اخر أقوى من الذبول لا أعرف له معنى بعد .. أعلم أنها كانت تعشقه وهو أيضا كان يعشقها تلك الحالة من الانسجام الكامل بين البنت الصغيرة وأبوها الذى يغمرها بالحنان .. القيت بنفسى داخلها .. أيضا اريد البكاء .. ولكن ممنوع امسك نفسك انت الكبير .
تركتها وذهبت صليت مع الناس ودعوت له وبكيت أمام قبره ..وتركته ورحلت " اللعنة على العادة الانسانية البشعة " ولكن الوحوش تعيش بداخلى تمزق كل خليه على حده، وتمثل بأشلائها الصغيرة، تحاسبنى على جبنى .. هل كان يريد أن يرانى؟ بالقطع نعم .. وأنا حرمته من تلك الأمنية .. هيا عذبينى ايتها الوحوش هيا عذب نفسك لتطهرها من جبنك ..لا تتمنى لنفسك السعادة أيها الجبان، فلقد تركته وهو يحتاج إليك وأنا ايضا أحتاج له .. اللعنة على الجبن الانسانى .. ومرحى لذلك العذاب النفسى الذى يمنعنى من إكتمال نشوة فرحى وسعادتى فأنا أستحق .. أعلم ذلك .. كان المفروض أن اكون بجواره .. هيا اتركوا العنان لحملة سياط التعذيب بأن يلهبوا ظهرى بضرباتهم .. لعلى أطهر نفسى ولعل أبى يرضى عنى، ولعل ذلك الشبح الذى يطاردنى ليلا ليبكينى ... يختفى!

1 Comments:

  • At 2:53 PM, Blogger vision said…

    اكتر جمله جت فى بالى ان مستحيل يكون لسه فى ناس كده على حسب ما موجود فالحكايه انك كنت مسافر عالشاندراستك غير كده هوقعدتك جنب والدك الله يرحمه ويدخله فسيح جناته كانت هتعملو ايه...مفتكرش غير ان من كلاامك انو كان شخصيه او كاركتر والناس الى كده دى بتكون نفسهم عزيزه اوى عليهم ومفتكرش كمان انو كان هيحب يشوفك قبل ما يموت ...متزعلش منى لومكنش مات مالمرض كان هيموت من الزعل...وكونك كمان تزعل دى حاجه غلط جدا او انك تلوم نفسك لأن دى ارادة ربنا سبحانه وتعالى وعدم وجودك جنبه اكيد لعله او لسبب فى علم الغيب انت يعنى مكنتش مسافر الغردقه......افتكر انو مات وهو مطمن وفخور بيك كمان لأنك كنت عارف طريقك وبتسعالو..فالأخر دوشتك لكن انا من كتر ما تأثرت وانفعلت فقررت انى اطلع كل الى جوايا.. الله يرحمه ويرفع من درجاته ويبنيله قصر فالجنه يشوف فيها ناس حلوه مش كئيبه هاه واخدلى باللك انت !!!!!!!!!1

     

Post a Comment

<< Home